الأحد، 26 أكتوبر 2008

المطلقة هي أكثر إمرأة رافقها القهر والألم والحرمان

النصف الاحلى:

إن الوعي الثقافي والعمل التربوي والتعليمي لم يفلح في إقناع المجتمع بضرورة تغيير نظرته القاسية إلى المرأة المطلقة، لأن المجتمع يتصرف إنطلاقاً من الثقافة السائدة، التي لم تغير نظرته إتجاهها بل إن الجيل الحالي يبدو أكثر قسوة في هذا الأمر، وبالمقابل يبدو إن نظرة المرأة قد تحسنت إتجاه نفسها، فأصبحت قادرة على إعالة أولادها وتدبير أمورها المادية وهذا ما ينزع عنها لقب العبء الإجتماعي على أهلها.. تكشف لنا المحاكم عن ارتفاع عدد المطلقات بنسبة كبيرة وخاصة في السنة الأولى من الزواج.
وتؤكد الإحصائيات إن العراق يشهد إرتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، من المهم الإيضاح أولاً إن الطلاق له عدة أسباب منها عدم الوفاق بين الزوجين فيضطرا إلى إتخاذ قرار يجعل الحل الأمثل بينهما هو الطلاق بسبب غياب التفاهم بينهما، والمؤكد إن هذه الظاهرة هي إنعكاس للحروب والمشاكل والصراعات الإجتماعية التي مررنا ونمر بها والتي أدت بدورها إلى أتساع هذه المشكلة.. ورغم إن أغلب المطلقات وجدن أنفسهن مرغمات على هذا الوضع إلا أن قانون الأحوال الشخصية والعادات والتقاليد الاجتماعية قررت وضعهن في قفص الإتهام رغم وضوح براءتهن، ونحن نعلم جيداً إن عواقب الطلاق وخيمة لكل الأطراف وخصوصاً الأطفال ولكي نصيب كبد الحقيقة كما يقال أردنا أن نستطلع آراء بعض ذوي الشأن في قضية معاناة المرأة المطلقة في المجتمع العراقي لكننا قبل ذلك أخذنا آراء عدد من النساء والرجال في هذه القضية:
* السيدة (س. ر) (32 عاماً)/ ربة بيت مطلقة منذ ثلاث سنوات والتي إلتقيت بها في محكمة الأحوال الشخصية وهي تحاول إستلام نفقة طفلها الشهرية، سألتها عن إنعكاسات وضعها بعد الطلاق فقالت: - الطلاق قد يكون رحمة للطرفين، غير إن المجتمع يدين المرأة محملاً إياها مسؤولية فشل العلاقة الزوجية بغض النظر على الظلم الذي لحق بها، إن المجتمع ينظر إلى المرأة المطلقة على إنها إمرأة مشؤومة تجلب السوء الى من يقترب منها، وغالبا ما تُلصق أسباب الطلاق بالمرأة وحدها، وكأن الرجل لا يخطئ أبداً، علما إن الواقع يثبت العكس، وهذا مايجهله المجتمع، حيث أصبحت كلمة مطلقة رديفة لكلمة عار.
بعد ذلك حاورنا الباحثة الاجتماعية (إلهام لطيفي) وسألناها: * الى متى سيظل مجتمعنا يدين المرأة المطلقة ولا يحمل الرجل مسؤولية في خراب العلاقة الزوجية؟ - إن بناء كل شي في المجتمعات سواء كان من سن قوانين اجتماعية أو إيجاد فرص للتحرك والعمل يتعلق تماما بآيديولوجيات ذلك المجتمع إذن نوعية النظرة للأمور هي من أهم العوامل الرئيسية في إيجاد الفرص للمرأة المطلقة. ومما يتعلق بذلك هو إن الفرص الجديدة للحياة يصنعها المجتمع للمرأة المطلقة؛ والمرأة نصف المجتمع الذي نتوقع منه أن يخلق فرصاً جديدة للمطلقات لكن في أكثر الأحيان نرى بأن المرأة هي نفسها تدين المرأة المطلقة إذن لا يمكن أن نغير المجتمع والمرأة هي بنفسها تدين المرأة تلك الإنسانة التي هي من جنسها وإذا طلقت سوف تعاني من نفس معاناتها. إن قضية إدانة المرأة المطلقة في المجتمع تكمن في تسلط الثقافة الذكورية على ثقافتنا ونوعية النظرة للمرأة في الأساس والتي تتحكم بمجتمعاتنا الشرقية ومازالت تسري في شرايين آيديولوجياتها؛ تلك النظرة التي لا يدعمها الرجل فقط بل تساندها المرأة بكل قوة أيضا، إذن هذه الإدانة هي مرسخة في جذور ثقافتنا الشرقية التي تدعمها بعض الأعراف المنسوخة والتقاليد الشائكة والتي لا علاقة لها في الدين بل أنها مجرد أعراف إنقضى تأريخ إستخدامها وتحكمها بالمجتمعات .


* أما السيد (عماد علي/ كاتب) فقال: - يتميز الشرق عن المناطق الأخرى بخصائص معينة و تسيطر عليه العادات والتقاليد الخاصة به وهي منبثقة من الأفكار والمعتقدات والأديان الموجودة تأريخيا في هذه المنطقة التي هي منبعها، فأن الحياة هنا تشهد تعقيدات جمة، وأصبحت المرأة بحد ذاتها و بمرور الزمن في الدرجة الثانية لكونها أنثى فقط و فُرضت عليها مجموعة من القيود و حددت إطار معيشتها الضيق. هذا بالنسبة للمرأة بشكل عام، أما الزواج هنا في الشرق الأوسط يتم من خلال عملية غير طبيعية ويكون في أكثر الأحيان الزواج من أجل الزواج فقط من دون التعمق في توفير الأرضية الملائمة الطبيعية العلمية له حتى و إن كان الحب همزة وصل وعاملاً مهماً تبنى عليه عملية الزواج، ولكون العلاقات ظاهرية غير عميقة بسبب الموانع الاجتماعية فتكون المجاملة و عدم إظهار السلبيات ونقاط الضعف للطرفين غالبة على أكثر الزيجات، ولو كان الوضع طبيعيا وحالات الزواج غير مرتبطة بمصالح الأولاد. المجتمع الشرقي يعاني من وطأة التقاليد والعادات البالية ينظر إلى المرأة بعين الريبة والحذر، وأعتقد إن للشرائع والأفكار والعقائد الدينية تأثيراً سلبياً واضحاً على موقف المرأة . الملاحظ إن الوضع الاجتماعي في تغيير مستمر، وبعد التقلبات و التغييرات المستمرة فأن نظرة المجتمع كما هي ، وأنا متفائل بأن هناك آفاقا واسعة على توفير فرص لإعادة تأهيل ومعيشة المطلقة، وهذا يختلف من مرأة لأخرى، أي هناك فروق فردية فالمرأة العاملة المثقفة المستقلة اقتصاديا تختلف عن غيرها، ووضع المطلقة في تحسن مستمر من حيث نظرة المجتمع، و يتجه إلى توفير المعيشة الأكثر أمانا وحرية إليها. لو كان الزواج يقوم على التفاهم الكامل بين الطرفين من دون التجامل الظاهري، أي لو كان وضع الزوجين من حيث فهمهما وإرتباطهما مبنياً على الركائز القوية والجوهرية يكون الزواج في النهاية هو الذي يفرض نفسه على الطرفين، وأهم العوامل الرئيسة المساعدة على نجاح الزواج هي التكافؤ في المجالات الكثيرة و برأيي إن المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي بين الطرفين هو العامل الحاسم لنجاح أي الزواج. ولأني رجل شرقي أؤمن بالزواج المتكافئ والتفاهم التام بين الزوجين ولايهم ان كان أي الطرفين مطلقا، لأن الطلاق يمكن أن يكون لأسباب ذاتية لأحد الطرفين وليس بشرط أن يكون موجودا في الطرف الثاني أي يمكن أن يكون ثقل دفة الحق في الخلافات في أحد الطرفين أو عدم الانسجام عند الزواج ليس بعيب ويمكن أن ينجح أي كان بعد تجربة فاشلة في تجربة أخرى و هناك الأعداد الهائلة من الزواجات الناجحة بين المطلقين، والمطلقة ليست أقل من العذراء و عدم التفاهم الكامل ينتج منه الطلاق وليس من الثابت دائماً ان من لايتفاهم مع الأول أو الأولى أن لا يتفاهم مع الثانية أو الثاني، وأن أكثر أسباب الطلاق ينتج من اكتشاف ما لم يكن في الحسبان قبل الزواج لعدم الاختلاط الكامل قبل الزواج في الشرق خاصة، و برأيي الشخصي ان الزواج من المطلقة أو العذراء بعد التأكد من التفاهم و التكافؤ من جميع النواحي لا يختلفان عن بعضهما و يكون النسبة كبيرة لنجاحه، و عندما يفكر المثقف بعقلانية وإن كان على مستوى مقبول من الثقافة لا يفرق عنده المطلقة عن العذراء، و في أكثر الأحيان التجربة الثانية تكون فيها الخبرة أكثر ويمكن تفادي الأخطاء وعدم تكرارها وإن كان هناك قدر كافٍ من الثقافة العامة يكون أنجح من الزواج الأول في الشرق بالأخص، إن لم يعش الطرفان للمجتمع و العادات و التقاليد فقط و إن إعتمدا على أفكارهما وآرائهما وثقافتهما بشكل خاص فمصير الزواج يكون النجاح والسعادة.



* أما الإعلامية رؤى البازركان/ قناة البغدادية فتحدثت بمرارة عن هوية المطلقة قائلة: - يرى البعض ان المطلقة هي إمرأة متاحة سهلة مباحة.. كهوية المرأة الجميلة: لا تملك عقلاً ولاتفكر، ولا يعلم أو يتجاهل إن أكثر إمرأة مطلقة رافقها القهر والألم والإتهام والشك بسلوكها وعلاقاتها هي المرأة العراقية لأن المجتمع العراقي مغلق وقاسٍ في أحكامه على إنسانه.. والتربية تشير الى ان المرأة أي الأم هي المربي الأساسي للأبناء وهي غالبا ما تميل الى الذكور لأنها تنتشي بمديح المجتمع (أم الذكور).. وعاشت المرأة تخشى مثيلاتها من النساء خوفا مشروعا لأحقية الرجل بتعدد النساء حلالا وحراما.. فدائما ما نسمع إتهامات المرأة للأخريات بمختلف التهم الاجتماعية والسلوكية.. وتحشوا رأس الرجل بعدم الارتباط بالمطلقة وهي ترفض مجرد التفكير بزواج إبنها من مطلقة لأنها إمرأة مستعملة لها تجربة وقد يكون لها أبناء.. والرجل ظاهريا يخشى دعاء الأم ولا يحتمل لوم المجتمع لذلك يشاركهم في زيادة الطعنات.. والرؤيا عندهم أحادية لأن المطلقة التي تمردت على الظلم هي شيطانة تستحق الرجم وكان على بنت الأصول أن تصبر وتتحمل ذل ومهانة وخيانة زوجها مثلما الرجل يتحمل مهانة ومذلة رئيسه في العمل او يمتدح مديره بما ليس فيه ليحصل على المكافأة.
* ولكي نقف على رأي القانون وحقوق المرأة المطلقة إلتقينا بالأستاذ عماد الشريف مستشار قانوني حيث حدثنا مشكوراً عن الطلاق والمرأة المطلقة في النواحي القانونية قائلاً: مسألة الطلاق في قانون الأحوال الشخصية العراقي ينظر إليها من عدة زوايا كل حسب ظرف الطلاق وأسبابه: فمعروف ان أسباب الطلاق عديدة لعل أبرزها ما ورد في القانون وعالجته المادة (41). وهو الضرر الواقع على الزوجة من الزوج هذه المادة أعطت للزوجة حق طلب الطلاق بعد إثبات وقوع الضرر المادي او الأدبي بحقها كأن يكون الزوج مثلا مدمناً على المخدرات والكحول المسكرة او كان غليظا شديدا قاسيا عليها ويبقى المحور الأساس قدرة الزوجة على إثبات إدعاءاتها، الحالة الأخرى التي أعطت حق الزوجة بالطلاق تلك المتعلقة بمرض الزوج... ما يعني عدم القدرة على القيام بالعملية الجنسية حيث تمنح المحكمة المختصة مهلة سنة للزوج أما لإثبات قدرته خلالها او لعلاج نفسه وبعكسه تحكم للزوجة بالطلاق، وهناك أسباب أخرى للطلاق عالجها القانون لا مجال للإشارة إليها جميعا كعدم توافق الزوجين او انسجامهما او عدم توفر شروط السكن اللائق للزوجة.... إلخ. وطبعا تم معالجة الطلاق بقانون الأحوال الشخصية العراقي بالمواد (41، 42، 43). والماده الأولى هي الأكثر إستغلالا، لكن يلاحظ مسألة مهمة في ظل تطبيق القانون وهو إن المرأة هي الطرف المتضرر ولو في أحسن الحالات لماذا: أولا: إن النظره الاجتماعيه للمطلقة هي نظرة تحضير واستصغار وإمتهان. ثانيا: تقلص فرص المطلقه بالحصول على زواج موفق وجيد بسبب كونها مطلقة أيا كان سبب طلاقها وأيا كان المسبب. ثالثا: إن القانون آنف الذكر لم يعالج مسألة في غاية الأهمية تتعلق بحقوق الزوجه المطلقة المترتبة بذمة طليقها.. وإليك بعض الأمثله الشائعة...
* المحكمه تحكم للمطلقة بحق أثاث الزوجية ولكنه لم يعالج ما إذا كانت الأثاث الزوجية هالكة او تالفة او عفى عليها الزمن..
* المحكمه تحكم للمطلقه بسداد زوجها المهر المؤجل المترتب بذمته ولكنها لم تعالج ما إذا كان المهر بخس فبعض العراقيين يسجلون بعقد الزواج مهورا رمزيه من باب حسن النية ولم يدر بخلدها ما يبيت لها القدر او الزوج او كلاهما.. إذ نص على ما يلي:
أولا: يحسب مهر المرأه المطلقة بقيمة الذهب وقت وقوع الطلاق لتلافي فارق هبوط العملة أحيانا.
ثانيا: على الزوج الذي يطلق زوجته تعسفيا واجب الإنفاق عليها لمدة سنتين من وقوع الطلاق طبعا وعلى الأطفال إن وجدوا.
ثالثا: للزوجه المطلقة حق السكن في بيت الزوجية سنتين او ثلاثه وهذه بصراحه نقطة رائعة لما لها من عوامل نفسية إيجابية على الزوجية إذ ربما فترة التباعد الجسدي والتقارب المادي، الجغرافي، والشعور بإماكنية إعادة الأمور قد يكون هذا الأمر ايجابيا في اعادة الأمور الى مجاريها أحيانا فضلا عن إن المطلقه لو انها او ما تطلقت لم تجد بيتا يؤييها ربما دعتها الظروف الى السكن أما في مكان ملوث او غير ملائم.. الماده (141) من الدستور الجديد زادت الطين بلة وفتحت باب جهنم على المرأة والرجل في مجال الطلاق خاصة إذ أعطت الحق لطرفي الدعوى الشرعية بالمثول أمام المحاكم التي يريدونها من باب حرية الدين والمذهب والقوميه وووإلخ..


أبتهال بليبل

مجلة الشبكة العراقية

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...