الأحد، 18 أبريل 2010

معرفة حقيقة الآخر



معرفة حقيقة الآخر


رؤى البازركان


حتى لا تسجل انطباعك عني من خلال آراء الآخرين... عليك أن تقرأ داخلي لتجد حقيقتي واضحة لديك... ومن حقيقتي ستعرفني و تفهمني... ومن حقيقتنا نحن نحقق اقترابا ً مؤكدا ً.... وانسجاما ً عميقا ً.... فالحقيقة تحمل وجها ً واحدا ً لايحتمل الرياء هو وجه الصدق.

والحقيقة بالنسبة لي مفهوم يشير إلى أن المعرفة بالشيء تطابق الواقع الذي أراه أو أعرفه لا ما يصوره لي الآخرون.




و حقيقة الإنسان مفهوم يشير إلى شخصية الإنسان المتمثلة بسلوكه الخارجي والمتحقق من خلال المتراكم من تجاربه وخبراته الحياتية التي شكلت أخلاقياته ومعتقداته وأفكاره وإنتماءاته ومن خلالها يتفاعل و يحيا في الحياة.




وفي رحلة العمر مع الحياة نلتقي بشخصيات مختلفة فيبدأ العقل بتسجيل ما يلتقطه من معلومات بواسطة الحواس، فيخزن الصور والكلمات لنكون إنطباعا ً معينا ً، وتكون بعض المعلومات غير حقيقية لاننا لم نختبر الشخصيات ولم نحتك معها لنكوّن معرفة واضحة حقيقية .... إضافة إلى إننا غالبا ًً ما نأخذ رأينا وحكمنا على الآخرين من آراء البعض لاننا نحيا في مجتمعات تغيب العقل و تلغي حرية الإختيار.


و من المفترض أن تكون حقيقة الإنسان مرآة تعكس أعماقه ودواخله إيجابياته وسلبياته ،صدقه أو زيفه. ولكن غالبا ً ما يكون الواقع عكس ذلك...!!!! لأن الكثيرين متخفون وراء أقنعة متعددة لاتعبر عن حقيقتهم .... فهناك من يستعير سلوكيات لاتمثله. وآخرون محترفون يتصنعون أداءهم ... و البعض يتظاهر بخلاف ما يضمر و يغلف حقيقته بالاوراق الملونة... وآخرون ينسبون لأنفسهم ما لايملكون في محاولة مقصودة لإخفاء حقيقتهم.... و لكن في لحظة ما ستنكشف أعماقهم بالوجه الحقيقي... و من ردة فعل بسيطة ينفضح ما يخفون... فنعرف حقيقتهم التي أخفوها خجلا ً أو حرجا ً أوضعفا ً، في مجتمعات تحاكي الظاهر المنمق وتبتهج بالجميل المبهرج وتضعف أمام الماديات البراقة على حساب توازن النفس وتآلف الروح و قيمة الجوهر. وكلما أخفى الآخرون حقيقتهم يزداد إنقياد مجتمعاتنا نحو القشور والزيف في العلاقات التي حاصلا ً ما ستكون وقتية .. ومن هذا فقدنا معنى العلاقات وروح الصداقات و غاب صدق المشاعر.

وتكمن أسباب أخرى لإخفاء الحقيقة .... حين تكون العلاقات من أجل تحقيق غايات مصلحية بحتة و التعامل بفوقية و أنانية ،حيث تأسست هذه الشخصيات وفق معاير الإحتيال والكذب... تحمل فايروس الخبث والضغينة ... وتتعاطى أكل اللحوم البشرية بشراهة ، مما جعل مجتمعاتنا تزخر بظاهرة الأشخاص المخادعين والمنافقين والمنتفعين.... فانعدم الوفاء و زادت الخيانة ونقصت الأمانة وغاب الصديق الصدوق.




فالمسؤل صاحب الإمتياز إشترى شهادة العلم ليكون لائقا ً بمنصبه الجديد.. والفقير يتظاهر بالغنى وينسب لنفسه رصيد غضب مفلس يصبه على الأغنياء... ومستحدث النعمة يخفي مصدر ماله و يتكبر على أبناء الذوات...ومدعي القلم يخفي جهله وسرقته جهد الآخرين فخورا ً بمجد ٍ زائف... و المريضة نفسيا َ تخفي إضطراباتها خوفا ً من إتهامها بالجنون وتدعي أنها مسحورة إستجدائا ً للشفقة... وفاقدة العذرية تدعي الشرف وترشق الأخريات بما لاتمتلك... والزوجة الثانية تفتخر لأنه إختارها وفضلها وتخفي حتى على نفسها إنها سرقته من بيته الآمن... وتلك الثرية تمارس العهر بمالها لتروي شهواتها... وأخرى تطارد الرجال وتدعي أنها الضحية والذبيحة وتخفي إنحرافاتها التي تُسقطها على الآخرين، وهكذا شخصيات زائفة من دخان... يحيون بأوهامهم على أنها الحقيقة... فالازدواجية تمنحهم التوازن السلبي ... وقانون الرذيلة لديهم معكوس على أنه فضيلة.... كما الضياء يتعب بصيرتهم فيغامرون في الظلام ... وهذه الشخصيات الغير متصالحة مع نفسها ومع الآخر هي من قادت مجتمعاتنا إلى الهاوية.

و تبقى معرفة حقيقة الآخر قضية مهمة جداً في العلاقات الإنسانية والإجتماعية.... فعليكم أن تخلعوا أقنعتكم ... وتكشفوا و جوهكم لتواجهوا أنفسكم ... وتقتنعوا بنواقصكم وتسامحوا أنفسكم ... لتظهر مصداقية حقيقتكم... فالمنطق يقول الحقيقة: حين نكون حقيقيين سنرافق أشخاصا ً حقيقيين نفهم شخصياتهم و يفهموننا... حينها نستطيع أن نطلق آراءنا الصائبة عنهم... و نصحح وجهة نظر كانت خاطئة تجاههم ... و نتخذ القرارات الإيجابية بالارتباط أو التواصل معهم....




فمعرفة حقيقة الآخر تعني أننا لم نعد نجهل بعضنا البعض ، حتى لايكون بعض الناس ضحايا لأنفسهم.



تعليقات:

الجميلة رؤى بازركان

في الحياة نصادف كثيرا من هذه الشخصيات التي تتلبس غير ذواتها , شخصيات انقسمت على ذاتها بين ماهي على حقيقتها وبين مايريده الاخرون.
النواقص البشرية كثيرة لكن الادعاء هي سمة في هذه المجتمعات وان نكشف حقيقة الاخر بعيدا عن الاقنعة هذا امر منوط بالظروف التي نمر بها وجعلتنا نعرف حقيقة الاخر وكثيرا مانصاب بالخيبة او الصدمة.
النفاق الاجتماعي مشكلة اخرى واطلاق الاراء حسب الاهواء والامزجة نعم اتفق معك تماما ان قدرتنا على اكتشاف الاخر بانفسنا بعيدا عن اراء الاخرين هو احترام لعقلنا وذواتنا فما اجمل ان نعرف انسانا جميلا قريبا منا.
تحية عطر وتقدير لابداعك

خالدة نيسان
العزيزة رؤى :أولا تحياتي
ثانيا :مقالك جد رائع وقد وضعت اصبعك على الجرح تماما وارجو قبول هذه المادة هدية مني مع محبتي

ماجدولين الرفاعي
الأخت الفاضلة رؤى البازركان
اجمل واطيب التحيات لشخصيتك المتألقة دوما، واتمنى لك المزيد من التألق والتقدم والنجاحات، بخصوص الموضوع لا شك انه موضوع واقعي تماما فهناك الكثير من الأشخاص من يخفون حقيقة طبيعتهم لأسباب خاصة بهم، وهم كثيرون حقا، ولكنهم موزعون في كل ارجاء المعمورة ولا يمثلون كثيرا في مجتمعاتهم ونهايتهم مفضوحة ومكشوفةن والبعض ينفضح زيفهم بسهولة، احييك على هذا المقال الرائع، واتمنى لك المزيد من التقدم والنجاح.

أحمد محمود القاسم

لديه تشيزوفرنيا (فصام بالشخصية ) يُعشق أرتدأ الأقنعة


وَيَكَاد مَنْ يَتمعن به ولو لحظات يَعْرِف مَعْنَى كَآبة المَنْظَر


يَنْصِبُ مِنْ مرضه أفْخَاخَاً لَهُنّ


وَلأنَّهُ مريض يعشق رَائِحَة الإحْتِرَاق جَيدَاً


فَهُوَ متمكن من إحْصَاء عَدَدِ الفرَاشَات المُحترِقَات


حَوْله، وَيَعْرف أيْضَاً مَتَى يَجْعلهُنَّ رَمَادَاً


كبش فداء للرِيَاح


إذَاً ، أعْلَمِي أنكِ لَسْتِ الوَحِيدَة المَعْنيَّة فِي مَاورَائيَاتِ الفخ
*****
هي لديها بروناليه (فصام بالشخصية ) حَسْنَاءٌ تُجِيد تَعْرِيَة الأشياء مِنْ كُلِّ فَضِيلَة


وَتَرتدي من قناع الأدَب وِقَارَة فِي سَبِيلِ إظْهَار أنوثتهَا المُبَالغ فِيهَا


ووتحاول أن َسْتَقطِب الجميع بِكُلِّ السُبُلِ المشْرُوعَة وَاللا مَشرُوعَة


تَجدُهَا مَصلُوبَة فِي حياة الذكُور تَسْتَهْلِك لُغتهَا وَتُمَارِس


الغِوَايَة وَتَقدّ ثِيَابِ العَابرِين مِنْ خَلْف ، لِتَسْتدرِجهم إلَىحَفْلَةِ زَار(أشتاتن أشتوت )


أُقيمَت علَى شَرفِ شيَاطِين [الرَغبَة المُسْتَفَزَّة ]


هَذَا النَوْع مِنْ النِسَاء ، يُمكنهُ أرتدأ كُل يوم قناع مختلف


بِأجْرٍ زَهِيد ، كَنُزُلٍ قَدِيم فِي مَدِينَةٍ سِيَاحِيَّة !
****
إذن نستنتج إنهم مَجمُوعَةٌ تَطْعَنُ النُور مُتَلبِسَةً بِلُغَةٍ مَثقُوبَةُ الفِكْر


وَ مَحدُودَه بِآفَاقِ العُقوِلِ المُقفِرَه كَسَمَاءٍ لاتُنجِب (لغةو عقيمة)


تُسيطرُ عَليهَا انفَاسٌ مَوْبُوءَه


بَيْنَمَا رَايَاتُ الكَرَامَه مُنتَكِسَه تَحْتَ عَمَائِمِ الرَأسالفَارِغ


نقول حَبطَتْ أقنعتهم ، حَبطَتْ أقنعتهم


فَلِْيتَخِذوا لَهُم مَكَانَاً قَصيّا بِذَاكَ العَالمِ السُفلِي


الذي اصْطفُوه لِأنْفُسهِم


رُبَّمَا يقيهِم وَيَقِي الأدَب مِنْ جَحِيمِ رَغبَاتهِم المَعْتُوهَه


الشهد رؤى لك الجنة وقوافل الشكر حتى تستغيثي
مودتي

المحفوظ محمد

اختي الرائعة رؤى البزركان

متى نتخلص من المضادين لتوازن النفس وتآلف الروح وقيمة الجوهر ... انهم يتضاعفون كالبكتريا الضارة فما أكثرهم وما أشقى النفوس الطيبة ... عجبي
تحياتي مع زهرة رازقي بغدادية

د. ساجد عزيز صيهود الحبيب

صديقتي القريبة البعيدة رؤى ..

وكاني أراك مرآة صافية تعكس وجه الحياة بكل تفاصيلها الحقيقية , وفي كل مرة أراك خلف حجب الشممس تخرجين ضوء أبيض كما هي روحك عزيزتي ..
قرأتك هنا ..أنت لا غيرك من تجيد لعبة الحياة ..

آمنة عبدالعزيز

ألأستاذة الفاضلة ... إسمحي لي أن أضيف حقيقة أخرى وهي إنك اليوم رسمت صورة الحقيقة كمصطلح بكلمات صادقة عبرت عنك بمنتهى الصراحة والصدق وواقع حال أماط اللثام عن كل الصور المشوهة لمستعيري الألفاظ ومنمقي الجمل لأبداء لون مغاير لمفهوم نبيل مشوهين بذلك سجية الإنسان من أجل هدف أو غاية طارئة ليس لها عمر محسوب.. بوركت ولك كل الإحترام.

عماد الشريفي



الاعلامية والكاتبة العزيزة رؤى البزركان..

شكرا لهذا التحليل السيكولوجي الذي يتناول من يبدل الاقنعة تبعا للظروف والمآرب الشخصية.وقد وصفها د-علي الوردي بانفصام الشخصية وازدواجها.
عودنا قلمك الخوض في غمار الموضوعات الجادة..كلفت الاخ الاعلامي حقي كريم بإيصال تحيتي واعجابي لما تقدميه بالاعلام او ماتدونيه بنورنا البهي..


صباح محسن كاظم



لربما من احدى اسباب تزيف الحقيقة والظهور بما لا يملك الانسان من صفات هو قسوة المجتمع في الحكم المسبق دون الاخذ بنظر الاعتبار ضروف واقعية معاشة ومفروضة عليه وبالتالي حرمته حق اختيار الصورة التي يريد الظهور بها وما ترضي نفسه فيلجأ غير معذور الى تزيف صفاته والظهور بما لا يملك .وقد قلت (غير معذور ) فلا يجب ان نبرر التزيف لكن ممكن ان نجد اسبابا ضرفية مخففة.
نص في غاية الاهمية يستحق الوقوف والقراءة اكثر من مرة
الرائعة رؤى البازركان
دمتِ متألقة

رفيف الفارس



الأخت الفاضلة الأستاذة رؤي البازركان
فكرتك رائعة نحو مكياج النفس ومدي تطورها بتعدد الظروف التي تجعل الشخص في تساؤل داخلي نحو العلاقة بين مصلحة ؟
ونبل ؟ لكن لاتوجد حياة دون مصالح مهما كانت ظروف الشخص المتطلعة نحو رؤية ما لذا فشلت المدينة الفاضلة ولم تقم حتي قيام الساعة ؟ فعلينا أن تقدر ظروف الآخر وخاصة في أوطاننا الفقيرة والتي تختلف عن عالم الغرب ؟
ومن هنا لابد أن تعيد قراءة ثقافتنا العربية بمفهوم أقتصادي جديد ؟ يحفظ ماء وجه من نري فيه التطلع لمصلحة ما ؟
وشكرا الزميلة العزيزة رؤي البازركان


عبدالواحد محمد  - الرياض

الزميلة الاعلامية الرائعة رؤى 
تحية طيبة لك ... جميل ما تكتبين من تحليل تناول العديد من الاتجاهات الخاصة بالشخصية
مبدعة دائما وكما عهدناك في اختيار مواضيعك المميزة.

مجدي الرسام

نحن جميعا نبحث عن هذا الانموذج النبيل والملاك النقي انا اتوافق مع هذا الطرح الخلاق وقدمته في مقالي الماضي (كلمات غير متقاطعة) بصورة مختزلة وهذا يعطي الانطباع بتوارد الخواطر الانسانية على شكل افكار وقيم تشكل هزات في اعماقنا نحو تحقيقها رغم استحالة تطبيقها أنك تطلبين منا ان نتعرى تماما امام بعضنا وهذا مايرفضه الجميع انك توقضين افلاطون من احلامه في جمهوريته الفاضلة اتمنى ان تكوني ملاكا وانا كذلك اتمنى ان اكون ملاكا والجميع يريد ان يكون كذلك ولكن العلاقات المتضادة والسلوكيات النفعية والخوف من الذات والهروب من الواقع والدوافع والارادات كلها محاولات تعرقل مانطمح اليه في المجتمع الفاضل ومع ذلك كانت رؤيتك طازجة ومتأنية في دفع الموضوع نحو قمة القبول.



مع تقديري


أحمد جبار غريب


مع احترامي لرأيك فقط احب ان اوضح انني هنا مع القاعدة ضد الاستثناء مع الأيجابية ضد السلبية ولا اعمم الموضوع والانسان بسلوكه الفطري يحاول الموازنة بين الداخل والخارج (الذات والواقع) وحسب نضريات علم النفس بأن الكروموسومات والجينات ربما تتحكم في تكوين شخصية الانسان ودوافعه والملا ك الذي اقصده هو الملاك الانساني الذي يحمل جميع الصفات الحميدة التي لا شائبة ولاخطأ فيها في حين لايمكن ان تكون هناك حياة دون وجود المتضادات ولولا الشر لما وجد الخير ولولا الخطأ لا يوجد الصواب ولولاالصدق لما عرفنا الكذب ولولا الحق لما عرفنا الباطل والانسان كمفهوم عام هل يمكن ان يتصف بالاحادية الايجابية في هذه الصفات؟ الا ترين ان الصراع هو اساس التطور وان الخصائص الانسانية مختلفة في الطباع والمشاعر والسلوك  تبعالحاجاتها الطبيعية وغرائزه ودوافعه.
مع تقديري


أحمد جبار غريب


الرابط:
الحوار المتمدن : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=211855
 النور : http://www.alnoor.se/article.asp?id=75315
شفاف الشرق الاوسط : http://www.metransparent.com/spip.php?page=article&id_article=9727&lang=ar
كتابات عراقية :http://kitabathurra.net/articles.php?article_id=421
شبكة اعمار العراق : http://www.iraq2003.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1538:2010-04-19-13-13-01&catid=38:2008-11-26-12-23-28&Itemid=73
المثقف : http://www.almothaqaf.com/new/index.php?option=com_content&view=article&id=13104:2010-04-18-02-43-47&catid=34:2009-05-21-01-45-56&Itemid=53



Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...